من عجيب ما شاده يعقوب المنصور الموحدي بمدينة مراكش البيمارستان، الذي كان تحفة في بابه.
قال صاحب المعجب:
(وبنى بمدينة مراكش بيمارستان ما أظن أن في الدنيا مثله.
وذلك أنه تخير ساحة فسيحة بأعدل موضع في البلد، وأمر البنائين بإتقانه على أحسن الوجوه، فأتقنوا فيه من النقوش البديعة والزخارف المحكمة ما زاد على الاقتراح.
وأمر أن يغرس فيه مع ذلك من جميع الأشجار المشمومات والمأكولات.
وأجرى فيه مياها كثيرة تدور على جميع البيوت، زيادة على أربع برك، في وسطه إحداها رخام أبيض.
ثم أمر له من الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم وغيره بما يزيد على الوصف، ويأتي فوق النعت.
وأجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم برسم الطعام، وما ينفق عليه خاصة خارجا عما جلب إليه من الأدوية، وأقام فيه من الصيادلة لعمل الأشربة والأدهان والأكحال.
وأعد فيه للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم من جهاز الصيف والشتاء، فإذا نقه المريض فإن كان فقيرا أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل، وإن كان غنيا دفع له ماله وتركته وسببه.
ولم يقصره على الفقراء دون الأغنياء، بل من مرض بمراكش من غريب حمل إليه وعولج إلى أن يستريح أو يموت.
وكان في كل جمعة بعد صلاته يركب ويدخله، يعود المرضى ويسأل عن أهل بيت يقول: كيف حالكم، وكيف القومة عليكم، إلى غير ذلك من السؤال، ثم يخرج.
لم يزل مستمرا على هذا إلى أن مات رحمه الله اهـ).
بحث في مصادر تاريخ مراكش