بناه الفرس في العراق ليكون حِصنا ورمزا للظلم والشرك بالله، ولكن يشاء الله إلا أن يكون رمزا لنصرة الله لعباده المؤمنين.
إرتجّ إيوان كسرى يوم ميلاد النبي ﷺ؛ ورأى كسرى في منامه إبِلا تعبر نهر دجلة وتنتشر في بلاده، وفسر ذلك المفسرون بأن العرب ستُسقط مُلكه.
بنائه
بناه الملك الفارسي شابور الساساني في عام 260م، ثم قام الملك الفارسي كسرى أنوشيروان الساساني بتطويره في عام 540م، وقد تعمد شابور الساساني أن يبني قصره في مدينة طيسفون العراقية وليس في بلاد فارس، وذلك خدمة لأطماعه التوسعية، ولكي يبقى قريبا من أعدائه الرومان الذين كانوا يحتلون بلاد الشام.
ويبلغ ارتفاع القوس 37 متراً وعرضه 26 متراً وارتفاعه 50 متراً، ويعتبر من أعظم الأبنية من نوعه في ذلك العصر. وأما قاعة العرش التي كانت تحت أو خلف القوس، فكانت تربو على 30 متر ارتفاع، 24 متر عرض و 84 متر طولاً.
ولادة النبي محمد ﷺ وإرتجاج الإيوان
ذكر الماوردي في “أعلام النبوة” وكذلك الطبري في “تاريخ الرسل والملوك” أن في الليلة التي ولد فيها النبي محمد ﷺ، إرتج الإيوان في عهد الملك كسرى أنوشيروان الساساني وسقطت منه أربع عشرة شرفة. ورآى كسرى في منامه إبلا تعبر نهر دجلة وتنتشر في بلاده، ففسر المفسرون بأن العرب سيسيطروا على بلاده، وأن الأربعة عشر شرفة تدل على أنه سيملك بعده من أسرته فقط أربعة عشر ملك وهذا ما حصل حيث أتى بعد كسرى أنوشيروان أربعة عشر ملك ساساني وهم:
هرمز الرابع وكسرى الثاني وقباذ الثاني وأردشير الثالث وكسرى الثالث وبوراندخت وشابور الخامس وبيروز الثاني وأزرمي وهرمز السادس وكسرى الرابع وكسرى الخامس ويزدجرد الثالث وبيروز الثالث والذي هرب إلى الصين بعد سقوط بلاد فارس نتيجة الهزائم المتتالية أمام جيوش الخلافة الراشدة.
قيام العباسيين بتحويله لمسجد
إستطاع المسلمون السيطرة عليه في عام 637م بعد إنتصارهم الساحق على الفرس، ولكنهم هجروه ولم يستعملوه في شيء، واستمر الوضع على هذا الحال إلى أن أتى عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور والذي أراد أن يهدمه ليستعمل الحجارة في بناء مدينة بغداد، ولكنه تراجع ليكون شاهدا على نصر العرب على الفرس، وقرر أن يحوله إلى مسجد.
وفي عام 840 م في عهد الخليفة العباسي محمد المعتصم بالله تهدم جزء من الإيوان نتيجة زلزال أصابه، ولكن إستمر إستعماله كمسجد، وفي عام 905 م قام الخليفة العباسي علي المكتفي بالله بأخذ حجارة القسم المهدوم وأساساتها ليدعم به قصر التاج الذي يقوم بتوسعته.
إيوان كسرى بعد العباسيين
بعد نهاية الخلافة العباسية في بغداد في عام 1258م، تم هجران الإيوان، وفي عام 1888 م تعرض الإيوان لأكبر ضرر حينما دمر السيل ثُلُث المبنى، ولقد جرت عملية إعادة بناء في عهد الرئيس صدام حسين في عقد الثمانينات من القرن العشرين لكنها لم تكتمل لإنشغاله بحرب الخليج عام 1991 م.
ومازال إيوان كسرى حتى الآن شاهدا على الظلم والشرك، وشاهدا على نصرة الله لعباده المعتصمين بحبل الله ؛ جمع الله شملهم على كلمة سواء اللهم آمين
المصادر:
1- تاريخ الرسل والملوك، الطبري.
2- أعلام النبوة، الماوردي
3- عجائب الدنيا السبعون من العالم القديم، جوليان ريد.
4- بغداد خلال الخلافة العباسية، جاي لو سترينج.
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري