بحث في النفس البشرية ومراتب رقيها والعوارض التي تعترض سلوكها إلى الله عز وجل.
هذه العوارض التي تعترض السالك أو السالكة إلى الله عز وجل هي:
1) التعلق بالدنيا.
2) وسوسة الشيطان.
3) النفس الأمّارة بالسوء.
قال جل من قائل (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا; فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا; قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا; وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الآية 8 و9 من سورة الشمس.
والنفس هي أخطر عدو يواجه المؤمن في سيره إلى الله عز وجل. ومن شدة خطورة النفس أن جميع أعداء الإنسان من شيطان وحب الدنيا وأثر الخلق عليه، من خارج نفسه. فمن زكّا نفسه لا يستطيع الشيطان أن يوسوس له. وإن وسوس، ذكر الله فخنس. ومن زكت نفسه لا ينظر إلى الدنيا إلا أنها ممر إلى الدار الآخرة. وكذلك من زكَت نفسه صلحت معاملته مع الناس على أساس معاملته مع الله. لذلك كان علينا مراقبة النفس وترويضها على طاعة الله والاتباع لرسوله ﷺ.
ومن مراتب النفس وتزكيتها مايلي:
النفس اللّوامة: تحُتّك على التوبة والندم من الذنب ومن الإساءة إلى الغير. وإن تنورت وزكت ارتقت إلى النفس الملهمة.
والنفس الملهمة هي التي قال الله عز وجل فيها “فَأَلْهَمَهَا”. يسارع إليها نور الفهم عن الله. وتُقبل على الله، ثم ترتقي إلى المرتبة الرابعة وهي المطمئنة (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) الآية 27 من سورة الفجر.
وإذا بلغ الإنسان مرتبة النفس المطمئنة، صار متهيئا لتلقي خطاب الله تعالى والفهم عن الله في قراءاته للقران وفي شهوده للأكوان التي تحيط به وفي تعامله مع من حوله لأنه وثيق الصلة بربه.
ثم ترتقي النفس الى المرتبة “الراضية بالله وعن الله” ثم ترتقي إلى مرتبة “المرضية لدى الله وعند الله”. وقليل من القليل من يصل إلى مرتبة هي المرتبة السابعة من مراتب النفس وهي النفس الكاملة. الكمال المقيد وليس المطلق فالكمال المطلق لله تعالى ولأن البشر يحدث لهم نوع كمال مقيد في جوانب سيرهم إلى الله تعالى.
مثال كما صح عن النبي ﷺ أنه قال: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون (رواه البخاري ومسلم). وهذا كمال نوع مقيد لا كمال عدد.
ومن فَقه الأدب مع الله أذاقه الله حلاوة الطاعات، لأنه روض نفسه بمخالفتها فيما تحب وأذاقها مرارة المخالفة في ما تحب. ومن أسباب طغيان النفس وتمكنها من الأمر بالسوء أن تعودها ما تميل اليه.
وكما قال الإمام البوصيري “وَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى حُبِّ الرِّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ”.
وللنفس ميزان “ضبط” هو ميزان الشرع (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا؛ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
اللهم أذقنا حلاوة الأنس بطاعتك وذكرك.