مناقب أمهات المؤمنين: جويرية

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة مناقب أمهات المؤمنين وحضور المرأة في اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم.

ظن الناس عبر عصور أو قرون العض والجبر أن المرأة لا حظّ لها في السلوك إلى الله ولا عبرة بوجودها. وأثر هذا على المرأة بالإحباط. فإذا كانت المرأة غائبة فكيف تغرس لنا معاني التربية الإحسانية في الناشئة، وقد غيب كثير من الفقهاء وغيرهم جانب السلوك لدى المرأة، في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما مدّ رحمته إلى الرجل كذلك مدّ رحمته واهتمامه إلى المرأة. وخير مثالٍ أزواجه أمهات المؤمنين وبناته اللاتي تخرجن من مدرسة النبوة. كل واحدة منهن كانت رائدة لمعنى من معاني هذه الرحمة سلوكا وعملا وجهادا.

جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

كانت رضي الله عنها من أجمل النساء وأعظمهن بركة على قومها. كانت من السبايا عندما انتصر المسلمون على بني المصطلق في غزوة. وهي في العشرين من عمرها حاولت النجاة من مهانة الرق فكاتبت تابث ابن قيس الذي كانت من سهمه في الفيء،  ثم جاءت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم تطلب منه أن يعينها في فكاك نفسها.

ورق قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحال السيدة الأصيلة التي تلوذ به لإنقاذها من محنتها. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم هل لك في خير من ذلك. فقالت وما هو فقال أقضي عنك كتابتك وأتزوجك. فقالت نعم يا رسول الله. واستبشرت بنجاتها من الضياع والهوان بزواجها من مجمد عليه الصلاة والسلام. قالت عائشة أم المؤمنين ما كاد خبر زواجها من رسول الله يصل إلى الناس حتى قالوا أصهار رسول الله، فأرسلوا ما بأيديهم من الأسرى. ولقد أعتق بسبب تزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق. فما أعلم امراة أعظم بركة على قومها من جويرية. ولقد كان اسمها (برة)  قسماها رسول الله جويرية.

وذكر ابن حجر في –الإصابة – قوة إيمان جويرية رضي الله عنها. فقال إن أباها جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال له إن ابنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذلك. فقال النبي عليه الصلاة والسلام أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنت. فقال أبوها بلى يا رسول الله. فأتاها أبوها فذكر لها ذلك فقالت اخترت الله ورسوله.

وروى ابن هشام في السيرة أن أباها أسلم وأسلم معه ابنان له وناس من قومه. وهكذا كان زواجها من سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم خيرا وبركة على قبيلتها. فانقلبوا بنعمة من الله من عبودية الشرك إلى عبودية رب العباد. وانقلبوا بسببها من ظلام الشرك إلى نور الإسلام بحول الله وقدرته. وكان ذلك درسا لمن يتسائل عن الحكمة من وراء تعدد زوجات النبي عليه الصلاة والسلام.