يحكى أن رجلا دخل إلى مملكة وراح يتجول في شوارعها وهو ينادي “أنا رجل سياسي، أحل كل المشاكل وأصالح بين المتخاصمين … أنا سياسي”.
فسمع الملك نداءه …. وطلبه إلى مجلسه.
الملك : أنت سايس، يعني تربي الخيول، عندي فرس عنيدة أريدك أن تسوسها وتدربها.
الرجل : يا مولاي أنا سياسي ولست سائسا، وليست حرفتي تربية الخيول.
الملك : هذا أمر … اذهب واعتن بفرسي، وإلا قتلتك.
الرجل مذعورا: حاضر يا سيدي.
أمر الملك بوجبتين للرجل، رز وحساء في الغداء والعشاء.
باشر الرجل تربية الفرس أياما ثم هرب، فقبض عليه حرس الملك وقدموه له.
الملك : لماذا هربت … هل وجدت في فرسي عيبا جعلك تهرب من تربيتها؟
الرجل : سأخبرك عن عيب فرسك ولكن امنحني الأمان.
الملك : منحتك الأمان …. ما عيب فرسي؟
الرجل: فرسك أصيلة، لكنها لم ترضع من حليب أمها.
غضب الملك من كلام الرجل واتهمه بالكذب، وزج به في السجن. ثم أمر بإحضار السائس السابق. وسأله : “من أين رضعت فرسه، وإلا قطعت عنقك”.
قال السايس: “عندما ولدت فرسك ماتت أمها، فلم أجد لها حليبا سوى من بقرة كانت في الحظيرة، خفت من بطشك فأخفيت عنك الخبر”.
أمر الملك بإحضار الرجل من سجنه، ثم سأله: كيف عرفت بأن فرسي لم تعد أصيلة؟
قال الرجل ” الفرس لا يبحث عن الكلأ والعشب، بل يحضر إليه وهو رافع رأسه، فرسك كانت تتصرف كالبقر فتبحث عن طعامها وتطأطأ رأسها له”.
أعجب الملك بفراسة الرجل، وأمر بأن يجعله مستشارا لزوجته الملكة.
رفض الرجل لكن الملك هدده بالقتل، فامتثل الرجل لأوامره، ثم أمر الملك بتزويد وجبة السايس بدجاجتين في الغداء والعشاء.
اشتغل الرجل مع الملكة أياما ثم هرب، فألقى الحرس القبض عليه وقدموه للملك.
الملك : ماذا وجدت في زوجتنا الملكة حتى هربت؟
الرجل : وهل ستمنحني الأمان لو أخبرتك؟
الملك : نعم … لك ذلك.
الرجل : زوجتك ملكة، و لكنها ليست ابنة ملوك كما تتصور.
غضب الملك ووضع الرجل في السجن. ثم سافر إلى حماه والد زوجته في المملكة المجاورة، وعندما اختلى به وضع السيف على رقبته وقال له : ” أخبرني ما حقيقة نسب ابنتك لك”.
قال له حماه: ” نعم هي ليست ابنتنا من صلبنا، كانت عندي ابنة عمرها عامان ماتت مريضة، وكنت قد اتفقت مع والدك على تزويجها لك عندما تكبر، عندما ماتت أحضرت طفلة من الغجر وربيتها على أنها ابنتي…وزوجتها لك”.
عاد الملك إلى مملكته …ثم أخرج الرجل من السجن وسأله كيف علمت بأصل زوجتي …؟
فقال له : “من طباع الغجر أنهم يغمزون حين يتكلمون، وزوجتك كثيرة الغمز في الكلام…”.
زاد إعجاب الملك بالرجل، وقرر تعيينه خادما لأمه، حاول الرجل التهرب لكن الملك هدده بالقتل … فقبل وأمر الملك بأن يضعوا خروفين يوميا للرجل في غدائه وعشائه.
بعد أيام … هرب الرجل … حتى أحضره الحرس.
الملك: ماذا وجدت من أمنا…؟
الرجل: وهل ستمنحني الأمان؟
الملك: نعم … قل ما عندك.
الرجل: أنت … أنت لست ابن والدك الملك.
غضب الملك وأودع الرجل السجن. ثم ذهب إلى والدته: هل أنا ابن الملك؟
حاولت الملكة الأم التهرب من الإجابة ثم استسلمت معترفة: “كان زوجي الملك عقيما، ومع ذلك يتزوج في كل عام من بنت من بنات المملكة، وبعد تسعة أشهر يذبحها إذا لم تنجب، حتى سمع بي كأجمل نساء زماني وتزوج بي بعد أن فرض علي الطلاق من زوجي السابق وقد كان طباخا للقصر .. لكن الملك كان لا يعلم بحملي من زوجي السابق … فأنجبتك …”.
عاد الملك إلى القصر وأمر بإحضار الرجل، ثم صرخ قائلا له: تبا لك كيف عرفت سرا خطيرا كهذا؟
رد الرجل: “الملوك لا يكافئون بالطعام، وأنت كل مكافآتك لي كانت عبارة عن تزويد طعامي، … والطباخون هم من يكافئوا بالأكل وليس الملوك…!!
منقول بتصرف