البيوت السعيدة لا تبنى على الحب وحده بل تبنى على التراحم والمودة. فالمودة شيء أعظم من الحب وأكثر وهجا مع مرور الأيام. وفي أغلب المجتمعات التي تنعدم فيها هذه المودة وهذه الرحمة – التي هي نتاج الوازع الخلقي والتربوي – تجد أن المرأة فيها تتحايل لتخلص من حماتها التي تعيش معها في كنف ابنها البار بوالدته، فيجد الزوج نفسه بين نارين إما أن يرضي زوجته بابعاد أمه من البيت، فيقع في إثم كبير أو يعيش حياة النكد والخصام من زوجة أنانية لا تريد في البيت إلا (الأنا) المسيطرة.
وأنت أيتها المتصفحة لكلماتي إذا أردت أن تكسبي زوجك لابد أن تكسبي حماتك. فزوجك نتاج تربيتها وعطاءاتها فأنت كذلك ستصبحين يوما ما حماة، فعامليها كما تحبي أن تُعاملي، فالمحبة إيمان وعطاء وتضحيات وايثار.
حماتك يمكن ان تكون كنز خبرة ودراية وعطاء يمتد ليشمل الأولاد والأحفاد. هي شجرة يمتد عطاؤها ما دامت تسقى بإكسير المحبة والتفاهم والوفاق. وبذلك يمكنك أن تستفيدي من تجربتها في الحياة. فالزوجات والأمهات الصغيرات اللاتي لازلنا في بداية الحياة الأسرية تنقصهن التجربة ويحتجنا إلى كثير من الخبرات.
بعض الزوجات يتكبرن من أن يتعلمن من الحموات طريقتهن في الطبخ مثلا وكيفية سير المعيشة داخل الأسرة والمشاكل التي يمكن أن تصادف في كيفية المصاريف وطبيعة التربية السليمة والرحيمة لأطفال الغد ورجال المستقبل.
وإذا كان حرصنا على تجنب سوء التفاهم، فإننا سنحقق أهدافا مهمة في نجاح استقرار الأسرة التي هي نواة مجتمع فاضل خال من المشاكل والأزمات. فكل أم هي نبع من الحنان والرحمة وكل حماة هي أم حريصة على سعادة أبنائها مع أولادهم وزوجاتهم، فالأمومة وخصائصها عطاء رباني عند كل أم تربت في بيئة سوية مسلمة المبادئ.
فبعض الزوجات يلاحظ غلبة العناد والكبر على طباعهن وأحيانا غيرة بشرية طاغية وكراهية تنبعث مما يروج في غالبية مجتمعاتنا من تسلط بعض الحموات على زوجات أبنائهم، مما يرجع أصله الى بيئة فاسدة أو سوء تفاهم عمي عن إصلاحه بسبب خصلة ابليس اللعين والمطرود من رحمة رب العباد أعاذكم الله…
عذرا يا متصفحا لكلماتي… عذرا سيدتي الحماة… عذرا حبيبتي الزوجة حماة الغد، التربية السليمة هي غراس المبائ والمثل. والأم الحكيمة تربي ابنتها على التكافل والتكامل لا على المعركة.
التربية إذا هي أن نتخلص من أمراض أنفسنا كما نتخلص من أدراننا وأوساخنا وأمراضنا الجسدية.
كل منا فيه نفحة ربانية من نفحاة الله تسمو به عن الدنايا، وإذا طغت البشرية على المرء صار في الحضيض من الشقاء والخذلان.
ثم ماذا قال لنا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قال (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) [صحيح.] – [رواه أبو داود والترمذي وأحمد.]
لابد من المراعاة، أنت كذلك ستكونين (حماة)، إذا كانت حماتك عصبية، فتعاملي مع ربك ورب حماتك في قوله عز وجل في بر الوالدين، والذي قارن فيه عبادته ببر الوالدين وقال في سورة الإسراء الآية 23 (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
واذا أطعت الله وعاملت حماتك بما أمر الله في حق الوالدين فستكون النتيجة أن يبرك أبناؤك أنت كذلك. فالانسان ابن بيئته وأسرته.
كيف أحب حماتي
لنفرض أن حماتك حادّة الطباع أو أنك لا تستطيعين تحمل تصرفاتها، فعليك أن تتحملي ذلك بكثير من المدارات والصبر والحكمة، وتتوخي في ذلك مرضاة الله أولا ثم الحفاظ على استقرار بيتك، وتكوني بذلك معينة لزوجك على بر أمه بدلا من عقوقها. ولا تطبقي أفكارا سيئة مسبقة عن الحموات، فالمعاملة الحسنة التي أمر بها الحق سبحانه على لسان نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم هي المعيار لحياة سليمة خالية من المشاكل والعقد. والمعاملة الإنسانية السوية تبنى على قاعدة (عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به) أو بالأحرى ما هو أرقى وأسمى (عامل الناس بما تحب أن يعاملك الله)، فاجعل نفسك ميزانا لغيرك، وعلى قدر الوعي بهذه النقط وتطبيقها يتلاشى عامل الهدم في البيوت ويسود الوئام والمودة والتفاهم. وقبل ذلك أسالك – يا أخت الإيمان – كيف تقبلين ابنها الذي هو ثمرة من تلك الشجرة وترفضين الأصل والجدع الذي منه الثمرة، ثمرة استمرار الذرية. تريدين قطع الجدر والتخلص منه، أعاذنا الله وإياكم من الأنانية والأنانيين …
دواء هذا وغيره من أمراض القلوب في حضور مجالس الإيمان لكي يقوى إيماننا فتطهر قلوبنا من أمراضها وأدرانها. فتنظيف البواطن بحضور مجالس العلم والذكر، فبذكر الله تطمئن القلوب (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) الذاريات (55).
تلك خصوصية من الله للمومنين الذين وجلت قلوبهم وعلى ربهم يتوكلون، لأن المحبة جلت قلوبهم “ألا لا إيمان لمن لا محبة له”، “ألا لا إيمان لمن لا محبة له”، “ألا لا إيمان لمن لا محبة له”، فالمحبة أصل الايمان وعن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم. ما أكرمك يا رسول الله يا رحمة مهداة من رب العالمين إلى العالمين صلى عليك الله مادامت السموات والأرضين.