هدية الله إليكم

مناسبة هذه الوليمة المباركة للعقيقة توحي إلينا بهذا العنوان وهو حديث شريف ((أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم فإن أولادكم هدية إليكم)) رواه ابن ماجة عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من إكرام المولود عقيقته يوم سابع ولادته، وهي شاة تدبح بنية الشكر لله بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كلُّ غُلامٍ رَهينةٌ بعَقيقتِه، تُذبحُ عنه يومَ سابِعِه، ويُحْلَقُ، ويُسمَّى)). وأن تختار له من الأسماء ما هو حسن وخير الأسماء ما عبّد وحمّد. ومن الإكرام كذلك أن يختار الرجل أم أولاده من عرق طيب وذات دين ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) حديث شريف.
ومن مسؤوليات الآباء والأمهات نحو الأولاد حسن التربية وحسن الخلق وغرس المبادئ، كيف ذلك:
الجواب بالقدوة والتوجيه وإحسان النية مع الله في أهدافنا التربوية. منها أن يكون نصب أعيننا أن نعد جيلا يستطيع القيام بما أوجبه عليه ربه من خلافة على الأرض، وهي العبودية لله الآية (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]. لذلك فجميع مهماتنا في الحياة يجب أن تكون بنية العبودية لله، وبدون هذه النية لن تكون نتيجة مرجوة.
ومن أسباب انحراف الأبناء (1) النزاعات والشقاق بين الآباء والامهات، (2) الخلطة الفاسدة ورفقاء السوء، (3) سوء معاملة الأبوين للولد، (4) مشاهدتهم لأفلام الجريمة والجنس، (5) الفراغ الذي يتحكم في المراهقين.
ومن توجيهات الإسلام في ذلك ما يلي: قال سبحانه (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْآبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء: 11]، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ [طه: 132]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6]، (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر: 11]، (وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ).

ومن الأحاديث الشريفة: ((… وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، …)) [متفق عليه]، ((أَدِّبُوا أَولَادَكُم على ثَلاثِ خِصَالٍ: حُبِّ نَبِيِّكُم، وَحُبِّ أَهلِ بَيتِهِ، وَقِرَاءَةِ القُرآنِ، …)) [حديث ضعيف]، ((لأن يؤدّب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع)) [رواه أحمد والترمذيّ وضعفه الألباني]. إلى غير ذلك من الأحاديث في التربية النبوية، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.
لذلك فلنسأل أنفسنا كيف نربي أطفالنا الذين هم أكبادنا تمشي على الأرض، هل نربيهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي وفق منهج الله، في بداية كانت نبوة ورحمة لتعود – إن شاء الله بقول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام –((خلافةٌ على مناهج نبوَّةٍ)).

أسئلة عدة مطروحة في الواقع الملموس عن كيف تربين أطفالك أيتها المؤمنة التقية. أطفالك هم عماد مستقبل الأمة ونحن نعرف أن الأسرة هي الخلية الأولى لمجتمع نظيف أو مجتمع فاسد تنعدم فيه القيم والمبادئ. ومن هذه الأسئلة كيف تتعاملين أيتها المؤمنة التقية مع زوجك الذي يعمل خارج البيت من أجل راحتك وراحة أولادك، هل تخففين عنه كدر العيش وأتعاب العمل بمعاملة حسنة مفادها المودة والرحمة. أم أنك تنتظرين مجيئه لتصبي على رأسه مزيدا من أتعابك داخل البيت من صخب الأولاد وفوضى الطبخ والغسيل وغير ذلك من مسؤوليات البيت.
ام تراك مدبرة حكيمة وعاقلة تحسن إدارة بيتها واستغلال الوقت والزمان لأن لكل ذي حق حقه كما علمنا الحبيب المصطفى لما أقر قول سلمان الفارسي لأخيه “إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ” فقال عليه الصلاة والسلام ((صدق سلمان)) [رواه البخاري]. ومن ضمن هذه الحقوق حق الأبناء، هل نقوم بمجهود التربية ومسؤلية العناية بالصحة البدنية والنفسية والدينية.

هذه النقط الثلاث كي نقوم بها على الوجه الأكمل لابد من وعي بثلاث (1) الوعي الصحي، (2) الوعي الديني، (3) الوعي النفسي. فهل عندنا إدراك واع لهذه النقط.

ويجب أن نعلم أن الطفل الذي يعيش في فوضى من المشاكل داخل البيت لن يعطي مستقبلا غير ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة.

أسئلة كثيرة لمهمات عظام وأي مهمة أعظم من إعداد أجيال جند الله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

أيتها المرأة المؤمنة الفاضلة أنت أعظم مخلوق حقا كما قال أحد الحكماء “المرأة أعظم مخلوق لو عرفت قدر نفسها”، طبعا إذا وعت بمسؤولياتها يعني كيف تكون قدوة لأبنائها في التعامل والسلوك إلى رضى المولى عز وجل. فهي صانعة الرجال ولا تستقيم المجتمعات إلا باستقامتها. لذلك عني رسولنا صلى الله عليه وسلم بالمرأة وإكرامها أيما إكرام. ولا زال يوصي الرجل بإكرامها أما وزوجة وأختا وابنة. والأحاديث في ذلك كثيرة والتنزيل أجمل في ذلك في آيات كثيرة ولله در حافظ إبراهيم إذ قال في المرأة قولا بليغا في قصيدة طويلة.

الأم مدرسـة إذا أعددتـها   أعددت شعبـا طيب الأعراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولى   شغلت مآثرهم مدى الحياة

Leave a Reply