بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة مناقب أمهات المؤمنين وحضور المرأة في اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم.
ظن الناس عبر عصور أو قرون العض والجبر أن المرأة لا حظّ لها في السلوك إلى الله ولا عبرة بوجودها. وأثر هذا على المرأة بالإحباط. فإذا كانت المرأة غائبة فكيف تغرس لنا معاني التربية الإحسانية في الناشئة، وقد غيب كثير من الفقهاء وغيرهم جانب السلوك لدى المرأة، في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما مدّ رحمته إلى الرجل كذلك مدّ رحمته واهتمامه إلى المرأة. وخير مثالٍ أزواجه أمهات المؤمنين وبناته اللاتي تخرجن من مدرسة النبوة. كل واحدة منهن كانت رائدة لمعنى من معاني هذه الرحمة سلوكا وعملا وجهادا.
أم حبيبة رضي الله عنها رملة بنت أبي سفيان
كنيت بابنة لها من زوجها الأول عبيد الله بن جحش الذي هاجر معها إلى الحبشة فتنصر بعد إسلامه وتوفي في أرض الحبشة، وقد حاول هذا المرتد بكل ما استطاع أن يحمل زوجته على ترك دينها فلم يستطيع.
وما كادت تنتهي عدتها حتى جاءت إليها جواري النجاشي تعرض عليها زواجها من سيد الخلق فخلعت عنها بعض حليها إكراما للبشرى فوكلت خالد من سعيد بن العاص في عقد زواجها برسول الله بناءً على طلب النجاشي الذي وكله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما سمع بأمر ما لاقته في سبيل دينها.
وقد أجمع النجاشي من في الحبشة من المسلمين يتقدمهم جعفر بن أبي طالب فأخبرهم أن رسول الله كتب إليه أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وقد أصدقها أربعة مائة دينار “خالد بن سعيد بن العاص هو ابن عم أبيها”.
ثم تكلم خالد بن سعيد بن العاص وقال: بعد حمد الله والصلاة على رسوله أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوّجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسوله عليه الصلاة والسلام، فدفع النجاشي الدنانير إلى سعيد فقبضها.
ولما فتح خيبر وصل وفد المهاجرين من الحبشة إلى المدينة فقال رسول الله: بماذا أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟
وكانت أم حبيبة مع الوافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الأربعين من عمرها.
وقد ضلت أم حبيبة تجعل لدينها المكان الأول على كل قرابة.
وموقفها مع والدها حينما دخل عليها وهي في المدينة ليستعين بوساطتها لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم “يريد أن يزيد في الهدنة في عهد الحديبية”. فدخل على ابنته أم حبيبة، هم بالجلوس في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته دونه فقال: يا بنية أرغبتي بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤ نجس مشرك. فقال: لقد أصابك بعدي شر.
لقد ضربت أم حبيبة أروع مثال في السمو عن القيم الجاهلية وعدم وضع أية اعتبارات للنسب إذا تعارضت مع العقيدة.
وفي أعلام النساء: روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزينب بنت جحش خمسة وستين حديثا.