الأستاذ الجامعي الذي قبّل يدَ تلميذه المُلَوّثة بالفحم

هو رئيس مجلس الأمن الدولي عام1947 وأول ممثل دائم لسوريا في الأمم المتحدة، كان وزيراً للمالية والداخلية والمعارف وترأس المجلس النيابي ومجلس الوزراء. وهو المدافع الشرس في الأمم المتحدة عن إستقلال سوريا عن فرنسا، وحادثة جلوسه الشهيرة مكان المندوب الفرنسي الذي استشاط غيظا منه حتى رد عليه ذلك الرد التاريخي: إنك لم تتحمل أن أجلس على طاولتك لنصف ساعة، كيف تقبل أن تجلس جيوشك في بلدنا مايزيد عن خمسة وعشرين عاماً … ونال أثرها على قرار استقلال سوريا وخروج الانتداب الفرنسي.
ويوم أبلغه الجنرال غورو أن فرنسا جاءت إلى سوريا لحماية مسيحيي الشرق، فما كان منه إلا أن قصد الجامع الأموي في يوم جمعة وصعد إلى منبره، وقال:

“إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سورية لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله”.

فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف وخرجوا به إلى أحياء دمشق القديمة في مشهد وطني تذكرته دمشق طويلا، وخرج أهالي دمشق المسيحيون يومها في مظاهرات حاشدة ملأت دمشق وهم يهتفون لا إله إلا الله …

لم يكونوا مسلمين ولا مسيحيين ولكن كل أبناء الوطن. إن موقف فارس الخوري كان رافضا للاحتلال الفرنسي ولاتخاذ حماية أقلية أو طائفة ذريعة للتدخلات الخارجية.

وهو مؤسس معهد الحقوق العربي، وساهم في تأسيس المجمع العلمي العربي. ولكن الأغرب في مسيرته أنه استلم مهمة وزير الأوقاف الإسلامية، حيث دافع عنه النائب عبد الحميد الطبّاع آنذاك قائلاً:

“إننا نؤمن بك على أوقافنا، أكثر مما نؤمن أنفسنا”.

وفي إحدى محاضراته التي كان يلقيها في جامعة دمشق، دخل طالبٌ متأخراً عن المحاضرة. فسأله عن سبب تأخره، ولكن الطالب ارتبك وتقدّم من المنصّة ليشرح للأستاذ بأن سبب تأخره، هو أنه يشتغل فحّاما في الليل ثم يحضر المحاضرات في النهار .. عندها أمسك الأستاذ بيد الطالب وقبلها أمام الطلبة!

إنه الرمز السوري المضيئ، إنه انموذج للانسان المسؤول والساعي الى خدمة المجتمع الانساني بمعزل عن دينه:

إنه المرحوم … فـــارس الــخــوري

Leave a Reply